موسى حقار الصافي سليمان، ذاك الشاب السوداني النحيل ذو التسعة عشر عَامًٌا، القادم مـن محلية مهاجريه بولاية جنوب دارفور، تحمل ساقاه النحيلتان أحلامه بتحقيق انتصارات فى الاسطورة الجديد ألعاب القوى.
كانـت أحلامه أثقل مـن ان تحملها ساقاه النحيلتان؛ لكن تلك الأحلام أصبحت حقيقة اثناء قادته تلك الأقدام الي الاستقرار فى سويسرا قبل اعوام، بدأ موسى مشواره الرياضي بفريق سانت برن، ثم تدرج الي المستويات العالية فى عالم ألعاب القوى فى أبريل / نيسان 2022 ليحقق بعدها العديد مـن الانتصارات والإنجازات فى سباقات الجري، كان أولها فوزه فى سباق 800 متر رجالًا فى بطوله ألعاب الشباب فى سويسرا 2022، ثم فوزه فى سباق 1000 متر رجالًا فى نفس البطولة لنفس العام، وآخرها فوزه الكبير فى سباق 800 متر رجالًا فى بطوله ألعاب القوى فى سويسرا التى انطلقت فى 30 يونيو المنصرم.
فى حوار لموسى حقار أجرته معه مجموعه “سودازول” الإعلامية، أعلن أنه يعمل بجد ومثابرة كبيرة لتحقيق أحلامه ورفع علم السودان عاليًا فى رياضة ألعاب القوى. وأشار أيضًا الي أنه يحصل على دعـم كثير مـن صديقه فرانك الذى يتكفل بتمويل جميع النفقات التى ترتبط بالتدريب والمشاركة فى المسابقات.
أعادني شكر وتحية موسى لصديقه السويسري فرانك الي تصريح العدّاء السوداني الكبير أبو بكر كاكي اثناء أهدى فى مطار دبي أطفال دارفور وغزة ميداليته، وهو فى طريق عودته مـن أولمبياد بكين وبعد مشاركته بها، وحصوله على ميدالية والتي كانـت أول ميدالية أولمبية يحصل عليها لاعـب سوداني فى تاريخ الأولمبياد.
أغضب إهداء كاكي انتصاره لأطفال دارفور وغزة الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير والذي رفض استقباله رَسْمِيًٌّّا وتكريمه؛ لأن البشير كان يترقب ان يهدي كاكي ميداليته الذهبية للرئيس البشير شخصيًّا؛ لكن لمّا خاب ظنه وتجاهله أبو بكر كاكي؛ غضب البشير غضبًا شـديدًا وقرر عقابه بعدم مقابلته وعدم تكريمه.
وكذلك فعلت وزارة الشباب والرياضة السودانية وتجاهلت البطل ولم تهتـم بقدومه وبميداليته الذهبية، وعلى نفس النهج سار اتحاد ألعاب القوى وتنكّر له تمامًا، ورفضت الصحف المحليه تضامنًا مع البشير فى غضبه ان تتناول ما قام به البطل مـن إنجاز يفخر به كل سوداني أبِيّ.
ذكرني تطابق موقف وزارة الشباب و الرياضة السودانية بتعبير جميل للأديب السوداني صلاح الزين يطلقه فى معرض تطابق المواقف يقول “أشبه بمائدة تُقدِّم نفس الطعام لذات الزبائن بذات الزي والعطر والشهيات”.
إذن، تطابق موقف الرئيس عمر البشير مع موقف وزارته للشباب والرياضة، بينما تطابق موقف كاكي مع موقف حقار وتحية كبيرة لأبطال السودان الذين يُعلون قيمة الإنسانية والتضامن وردّ الجميل.
التحية للبطل موسى سليمان حقار آخر حبات عـقد أبطال ألعاب القوى السودانية فى سودان ما قبل الحرب، وتمنياتي بعودة العافية للسودان وعودة أبطالنا لألعاب القوى لانتصاراتهم رغم تجاهل الحكومات السودانية المتعاقبة لهم.
مشاركة السودان فى الأولمبياد قديمة منذ العام 1960 فى روما والتي حَقَّق بها ميداليات كبيرة ثم فى أولمبياد المكسيك 1968 وفي أولمبياد ميونخ 1972 ســاهم السودان بعدد 26 رياضىًا كأكبر عَدَّدَ يمثل السودان فى الأولمبياد حتـى الان، قاطع السودان دورة الألعاب الأولمبية عَامٌ 1976 المقامة فى مونتريال وعام 1980 فى موسكو، ثم عاد ليشارك فى أولمبياد لوس أنجلوس 1984 وأولمبياد سيول 1988 وأولمبياد برشلونه 1992 وأولمبياد سيدني فى 2000 ودورة الألعاب الأولمبية المقامة فى أثينا 2004، وفي أولمبياد بكين عَامٌ 2008 والألعاب الأولمبية لندن 2012 وأولمبياد ريو 2016.